قال الكاتب والمحلل السياسي وجدي العريضي، أن "الموفد الأميركي آموس هوكشتين يسعى حاليًا إلى تحقيق تسوية شاملة في المنطقة، وهو ما يدفع العديد من الأطراف إلى إظهار تفاؤل حذر حيال المرحلة المقبلة".
وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت"، ذكر العريضي "بما حدث في المرة الماضية عندما كان الموفد الأميركي يعمل على تسوية، والتي أشار إليها يومها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكيف غرق الجميع في التفاؤل، بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إحدى غرف مبنى الأمم المتحدة، يخطط أو يتلقى سيناريو أدى إلى اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله".
وأضاف، "التساؤلات تثار اليوم حول ما إذا كانت إسرائيل تخطط لشيء مشابه في هذا الوقت الذي وصفه بـ"الضائع الثقيل". ورغم أن هناك تفاؤلًا كبيرًا حول جدية التسوية، إلا أن الحذر يبقى قائمًا مع إسرائيل، فلبنان أمام 48 ساعة مفصلية وحاسمة قد تؤدي إلى تسوية شاملة وكاملة.
وأوضح أن المعلومات تشير إلى أن التسوية الحالية تأخذ الطابع العسكري أكثر من السياسي، وفق ما كشفه مرجع سياسي خلال الساعتين الماضيتين، عندما كان يترقّب وصول الموفد الأميركي إلى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأضاف, "في حال فشل هذه التسوية، فإن لبنان سيواجه الخراب والدمار والاجتياح البري والكوماندوس، حيث ستكون كل المنشآت المدنية والحيوية مستهدفة، ولن تكون هناك أي خطوط حمراء حول كل المنشآت الحيوية والمدنية".
وأردف، "لبنان بعد 27 أيلول المنصرم ليس كما قبله، معتبرًا أن هذه المرحلة قد تكون "آخر الحروب وآخر التسويات"، مؤكدًا أن "البلد سيشهد تغييرات جذرية في كل شيء، بما في ذلك منظومته السياسية التي وصفها بـ"الفاسدة والفاشلة"، خصوصًا بعد اتفاق الطائف الذي يبقى الأساس للخلاص".
وشدد العريضي على أن "تطبيق الطائف، لا سيّما في ما يتعلق ببنود السلاح الداخلي والخارجي، كان يمكن أن يجنب لبنان كل الحروب والفساد والسرقات التي وقعت لاحقًا. لكنه أشار إلى أن المنظومة السياسية أغفلت الطائف وغرقت في الحروب والارتكابات والفساد، مما أدى إلى إفلاس البلد وإيصاله إلى الوضع الراهن".
وأكّد على "أهمية مراقبة الساعات المقبلة بحذر وترقب شديد، محذرًا من أن فشل التسوية يعني الدخول في مرحلة خطرة وغير مسبوقة على كافة المستويات".
وعن إعادة الإعمار، قال العريضي: "إعادة الإعمار في لبنان ستنطلق في حال نجاح التسوية الجارية، مشيرًا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي لن تتخلى عن لبنان".
واستشهد العريضي بتصريحات السفير السعودي وليد بخاري، الذي شدد على أهمية تطبيق اتفاق الطائف وأكد أن الرياض لن تترك لبنان الذي لطالما كان موضع اهتمامها. مشيرًا إلى أن مؤتمر القمة العربية الإسلامية في الرياض كان واضحًا، خصوصًا في بنوده المتعلقة بلبنان.
وأضاف، "وزير الإقتصاد أمين سلام، الذي التقى عددًا من سفراء دول الخليج، أكّد أن هناك دعمًا خليجيًا واضحًا للبنان، لكنه مشروط بوجود رئيس للجمهورية وإصلاحات تعيد للبلد سلطته المركزية".
وفي سياق الإعمار، أشار العريضي إلى "طلب رئيس مجلس الجنوب، هاشم حيدر، من رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ضرورة إنشاء مكتب تدقيق لمتابعة تفاصيل الصرف الصغيرة والكبيرة، لضمان الشفافية في إعادة الإعمار وتوزيع المساعدات بشفافية".
وفي ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، أوضح العريضي أن "هذا الملف يبقى جزءًا من التسوية. وأكد أنه في حال نجاح التسوية، فإن انتخاب رئيس للجمهورية لن يكون عقبة، مشيرًا إلى استمرار طرح اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح بارز، بينما مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، المعروف بدوره الكبير في هذه المرحلة، غير معني في دائرة الاستحقاق".
وأضاف، "أسماء أخرى مثل النائب فريد البستاني والنائب نعمة إفرام ما زالت مطروحة، لكن الأمور لم تحسم بعد، ما يتطلب ترقبًا وانتظارًا لأن المرحلة ليست سهلة".
ولفت العريضي إلى تصريح رجل الأعمال الإماراتي، الشيخ خلف الحبتور، الذي أطلق صرخة للعودة إلى الاستثمار في لبنان إذا توافرت مناخات ملائمة. واستذكر العريضي مقولة الشيخ زايد بن سلطان، "ارفعوا أيديكم عن لبنان"، خلال بداية الحرب الأهلية، وهذا يعني أن البلد مقبل على تحولات وتغيرات كبيرة.
وحذّر العريضي من مفاجآت قد تخطط لها إسرائيل، التي عوّدت اللبنانيين على اتخاذ خطوات غير متوقعة. ودعا الجميع إلى أن يكونوا جاهزين لمواجهة أي تطورات محتملة، معربًا عن أمله بلبنان جديد، بعيدا عن الأزمات والفساد، وبعيدا عن الصورة التي حولته إلى دولة "مارقة".
وأشار إلى أنه، "في حال نجاح التسوية، سيُعقد مؤتمر دولي للدول المانحة لدعم لبنان، على أن يكون هناك حرص واضح على تشكيل حكومة إصلاحية والبدء بإصلاحات مالية وإدارية بنيوية. وأضاف أن كل المساعدات المقدمة ستكون خاضعة لإشراف دقيق من الدول المانحة، مشددًا على أنه لن يكون هناك أي دور أو تدخل للأحزاب السياسية التي كانت سببًا في وصول لبنان إلى الأزمات الراهنة".
وأشار العريضي إلى أن دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، سيكون لها دور رئيسي وطويل الأمد في تقديم الدعم والمساعدة للبنان.
وختم العريضي بالقول، "البلد مقبل على تبدلات ومتغيرات جذرية على كافة المستويات، شريطة أن تنجح التسوية المطروحة، وإلا "يمكننا الاختصار بالقول: الله يستر".