في مبادرة إنسانية للتضامن مع أهالي قطاع غزة، لم يتردد الشاب التركي محمد إقبال غوموش (39 عامًا) في اتخاذ قرار ببيع ما يستثمره والتبرع بقيمتها البالغة نحو 92 ألف ليرة تركية (ما يعادل 2700 دولار) لصالح سكان القطاع المحاصر.
وقال غوموش، وهو أب لثلاث بنات ويعمل في مجال الإنشاءات، في حديث خاص للجزيرة مباشر: “بينما نحن نعيش في بيوتنا نأكل طعامنا براحة، ونتعبد لله، يبحث الناس في غزة عن الطعام تحت القصف”.
وأبدى تخوفه من شكوى أهل غزة لله عز وجل، مضيفًا: “انظروا إلى قوة إيمانهم، فهم ورغم أنهم تحت القصف، يفترشون سجاداتهم في الشوارع، ويصلون ويقولون لكل المسلمين: والله سنشكوكم إلى الله”.
وأوضح غوموش للجزيرة مباشر أنه كان لديه بعض الأسهم في البورصة وكان يحلم بالثراء، لكنه قرر بيعها والتبرع بقيمتها لغزة لتكون استثمارًا له في الآخرة، وأكد أن كل مسلم يتحمل مسؤولية تجاه ما يحدث في غزة، مشددًا على أهمية المقاطعة الاقتصادية لدولة الاحتلال.
وأضاف: “لهذا السبب كان لدي بعض الأسهم في البورصة وكنت أحلم أن أكون ثريًا، وبما أن الله أعطاني الصحة والعقل، والحمد لله لدي عمل بالفعل، فقلت أعمل وأكسب مرة أخرى، فبعت ما لدي من أسهم وتبرعت بها لغزة، لأكسب أسهمًا في الآخرة”.
وشدد غوموش على أن السبب الذي دفعه لبيع ما لديه من أسهم والتبرع بها، هو أن يقوم بدوره كمسلم تجاه أطفال غزة الذين يجوبون الشوارع بأوعية فارغة بحثًا عن الطعام، قائلًا: “من العار أن نحلم بالثراء بينما أطفال غزة يتضورون جوعًا”.
دعوة للمقاطعة الاقتصادية وأهميتها
وأكد غوموش أهمية المقاطعة رغم أن البعض قد يقلل من جدواها، مشيرًا إلى أنها سلوك في غاية الأهمية، وقال: “المال لدى الصهاينة أهم من أرواحهم، ولهذا فأنا عن نفسي لن أقدم لليهود مالًا، ولن أكون سببًا في قتل الأطفال، والجميع يجب أن يفكر هكذا”.
وأعرب عن فخره بالنموذج الذي قدمته المقاومة في غزة، رغم بساطة أسلحتهم، وضرب مثالًا برئيس حركة (حماس) الشهيد يحيى السنوار، الذي يرى غوموش أن شموخه يعطي الأمل، قائلًا: “والله لم أر شموخًا هكذا مثل وقفة هذا الرجل”.
نماذج مشرفة للتضامن مع غزة
من جانبه، عبّر جنغيز كورتاران، رئيس وقف قافلة الأمل -وهي منظمة خيرية تركية- عن سعادته بمثل هذه النماذج من التضحية والتأكيد على الإخوة الإسلامية والإنسانية.
وقال كورتاران للجزيرة مباشر: “نحن في وقف قافلة الأمل استقبلنا متبرعين كثر قبل السيد غوموش، منهم متبرع يعيش في بيت بالإيجار، وظل يدخر لسنوات لبناء بيت، وبعد أن انتهى من بناء البيت وقبل أن ينتقل إليه وقعت الحرب، فباع البيت وقدم ثمنه لغزة من خلال مؤسستنا”.
وأوضح أن الوقف استقبل في فروعه المنتشرة في الولايات التركية، كثيرًا من المتبرعين منهم نساء كثر قدمن ما لديهن من حُليّ ومجوهرات لصالح أهالي غزة، كما أن كثيرين من الشباب لم يقيموا ولائم زفافهم وتبرعوا بقيمتها لقطاع غزة.
جهود الإغاثة المستمرة لدعم أهالي غزة
وأشار إلى أن الوقف له فرق في غزة، ومن خلالها يتم تقديم الوجبات الساخنة والمساعدات الإغاثية والمياه في جنوب القطاع وشماله، سواء عن طريق معبر رفح في مصر، أو عن طريق الأردن.
وأكد كورتاران أن أهل غزة يتعرضون لحرب الإبادة الإسرائيلية، لأنهم يحمون مكانة الأمة وقدسيتها.
واختتم حديثه قائلًا: “نحن كشعب تركيا ووقف قافلة الأمل سنستمر في الوقوف بجانب إخواننا ونقدم لهم المساعدات من خلال معبر رفح وأيضًا عن طريق الأردن، وسنظل في عون إخواننا دائمًا”.