يتزامن الاستحقاق البلدي والاختياري مع ظروف اقتصادية ومالية لا نُحسد عليها، وعجز في الموازنة عن تأمين الإنماء في البنى التحتية من طرقات وطبابة واستشفاء ومدارس وجامعات وإدارات، والتي ينمو على حسابها القطاع الخاص....!
لما كان للبلديات والهيئات الاختيارية دور فعال في التمنية المباشرة على قاعدة: أهل مكة أدرى بشعابها، خاصة أن لها علاقة مباشرة وعلى تماس مع الناس، وتخضع للرقابة من الأهالي وتميّز ما بين الفاعل والمقصر والناجح والفاشل وتشكل مدرسة في الثقافة الديمقراطية وحسن الاختيار، وتمنح الناخب حرية الاختيار، بخلاف ما يحصل في الاستحقاق النيابي أو الرئاسي أو الحكومي. إذ لكل منها آلياتها، خاصة في لبنان، فمع كل موسم انتخابي يعدل القانون، وعند الحشرة يُصار إلى التمديد، حتى المرشح قد يحضر في اللحظات الأخيرة، إما من خلال شراء المقعد بالمال من قبل القوى النافذة أو المضمون في الجيبة ويسمع الكلمة أو الحزبي من أهل البيت يقضي ولايته إذا أحسن بالتعازي ورفع الإيد...!
أما في الحكومة، فتبقى الرياح الإقليمية البحرية أو البرية لها حرية اختيار رئيس الحكومة والوزراء، ويخضع رأس الهرم صاحب الفخامة لقياسات ومعايير على مساحة الكرة الأرضية تحت عنوان بلد سيد مستقل ديمقراطي من كعب الدست....!
ينهض مما تقدم، أهمية وفعالية هذا الاستحقاق الانتخابي المباشر بين الناخب والمرشح أولاً، وبين المنتخب والمواطن ثانياً، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يهان ثالثاً. ما يحصل الآن من توهين لهذا الحدث المفصل في حياة الناس على أنه مجرد أمر عائلي وليس سياسياً وهنا الطامة الكبرى، فالاستخفاف به وإظهاره بهذه الحالة تنتج عنه مسألتان:
١- إذا كان الأمر غباء، فتلك مصيبة تدمّر المجتمعات وتحول دون الإنماء ومنح المواطن حرية الاختيار وحشره في زاوية التخلف والتعصب العائلي المقيت....
٢- استغباء وهي الطامة الكبرى وفقاً للقول: إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم...
وعليه تثار تساؤلات عدة منها:
١- هل الانتخابات البلدية والاختيارية استحقاق عائلي أم سياسي انمائي؟
٢- لماذا يصار إلى تقزيمها بهذا الشكل؟
٣- ما الفرق بين البلدي والنيابي ؟
٤- أيهما اهم رئاسة الجمهورية أو البلدية حتى في الصلاحيات؟
د. نزيه منصور