استهداف الضاحية - "ضروري إنذار؟ خلّيها Surprise"
Osama
الجمعة 06 حزيران 2025

رغم هذا المشهد المأساوي، ورغم أن أكثر من 300 عائلة قضت ليلتها خارج منازلها، يتملكها الرعب والخوف على أطفالها الذين كانوا ينتظرون العيد بفرح الطفولة، تبرز مشكلة أكثر إيلاماً من العدوان بحد ذاته، وهي الانقسام الداخلي والتشفّي من أبناء الوطن الواحد.

ففي مشهد صادم يعكس حجم الانقسام الأخلاقي قبل السياسي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات من لبنانيين على منشور للناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، يدعونه فيه إلى قصف الضاحية دون إنذار مسبق، في ما يمكن وصفه بأنه تحريض مباشر على قتل مواطنين لبنانيين داخل منازلهم! هذا النوع من الخطاب تخطّى كل الخطوط الحمراء، وبلغ مستوى من الانحطاط يصعب تبريره أو التسامح معه.

ولعلّ التعليق الذي تصدّر المشهد وتحوّل إلى “ترند” لبناني يعود للشابة “ه. الضاهر”، التي ردّت على منشور أدرعي بالقول: “يعني ضروري تعطي إنذار؟ كنت خليها عيدية سربرايز للمتاولة”.

هذا التعليق أثار عاصفة من الغضب، واجتاحت مواقع التواصل موجة من الإدانات الحادة، حيث وُصفت كلماتها بأنها جريمة أخلاقية وإنسانية تستدعي المحاسبة. لم تأتِ ردود الفعل الغاضبة فقط من مناصري حزب الله أو من بيئة الضاحية، بل أيضاً من معارضين لسياسة الحزب ووجود سلاحه، ومن أبناء طائفتها نفسها، الذين رأوا في ما حدث جريمة حرب ضد مدنيين لبنانيين، لا علاقة لهم بالجبهات أو القتال، بل هم أهل وأطفال وعائلات تسكن في بيوتها.

هذا السلوك المؤلم أعاد فتح جرح قديم في الوعي الجماعي اللبناني: متى سيتوقّف بعض اللبنانيين عن اعتبار خصومهم السياسيين أعداء وجوديين؟ ومتى سيدركون أن الاختلاف السياسي لا يبرّر أبداً الدعوة إلى القتل أو الوقوف إلى جانب العدو ضد أبناء وطنهم؟

فمن يدعو العدو الإسرائيلي إلى قصف مواطنين لبنانيين، إنما ينحدر إلى مستوى خطير من التجرّد الأخلاقي والإنساني، ويُسهم في تعميق الشرخ الوطني. والتحريض على استهداف مدنيين لأسباب طائفية أو سياسية ليس رأياً، بل فعل تحريضي يتنافى مع أي قيم إنسانية، ويعكس أزمة وعي وانهياراً في مفهوم المواطنة.

 

الاراء الواردة تعبر عن رأي صاحبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر مجموعة كن مواطن الإعلامية